·
|Ѽ|حنان
في ذاكرة الرجوع
صديقي محمود الذي رافَقني في رحلتي لِدمشق .. كانَ أوّلُ من وَدَّعَني، وأَوَّلَ من استقبلني بعد عودتي من سراييفو .. بقي محمودُ الصديقُ المخلصُ، وكاتِم أسراري, سَأَلني عَنْ سراييفو .. حَدَّثتُه عن (مايا)، سَأَلني عن مَرضي .. حَدّثتُه عَنْ جمالِ سراييفو .. سَأَلني عَنْ الجامعةِ .. حَدَّثتُه عن دخوليَ المستشفى .. هُو دائمُ السؤالِ، وأنا أراوغُ في الإجابةِ على أسئلتِهِ الّلطيفةِ .. لُطْفَ لهجتِه القرويةِ، رافَقني في حارات إرْبدَ، ورافقتُه إلى دورِ السينما .. كانَ يَعشَقُ الأفلامِ الهنديةِ، كم تمنى أنْ يزور الهند، كان يبكي كلما فقد محبوب ٌ محبوبتهِ .. وأنا أُبْحِرُ في عينيهِ، رَاوَدَني شعورٌ غامض .. عَينْاهُ تَقُولُ ولا تَقُولُ, شفتاه المطبقتانِ تكادان تسكبا كلاماً, إنّهُ محمود، عاديٌّ في كلِّ شيء إلَّا في إخلاصهِ لأصدقائِه .. سألتُه ولم يُجبْ، أعَدْتُ السؤالَ، وملامِحُهُ تَغَيرتْ، ورعشةٌ في كفيهِ .. قررتُ أنْ أُخْرِجَهُ من حَيرَتهِ، وأنا لا أَعْلَمُ أنّي أُدْخِلَهُ في حَيرةٍ أكبر .. أين حنان؟، صمتَ طويلاً قبلَ أنْ يُخبَرني أنّها اقتَرَنتْ بِشَخْصٍ، وسافرتْ مع زوجِها، فغضبتُ منها وعليها، وكيف لها أنْ تفعل ذلك؟، وكأنّي أكثرُ براءةً منها، تذكرتُ أنَّها لم تَرُدَّ على رسالتي الوحيدةَ التي بعثتُها لها، فَسَاوَرَني الشّكُ بأنَّها قدْ نَسيت الحُبّ، وكأنّني مَنْ حَفِظَ الحُبَّ في قلبِه، فكانت الطلقةُ الأولى، وكأنّها تدور في حدسي، وبعدَ فترةٍ وجيزةٍ، أخَبَرني محمودُ بأنَّها عادت تاركةً زوجَها، فكان الخبرُ وكأنَّ الطلقةَ الثانيةَ تمر برأسي، تركني محمودُ وحيداً أمام نفسي، يَحّتَفِظُ بسرٍ في داخلهِ، لا يريد أنْ يبوحَ به .. من فتحت الباب المواربَ؟،أنّها ميساء، أختها الصغرى، يا للحظ, سألتُها عن حَنان، وَهَي لا تَعْرِفُ أنّني لا أَعْلَمْ شيئاً عَنْ حنان, فنَظرتْ إليّ بنظرةٍ يَشُوبها الحزنُ والرأفةُ بحالي، أخبرتني أنّها ماتتْ، وهي بطريِقها لاستلامِ رسالتي اليتيمه؛ فجاءَها الموتُ من طيشِ أحدِ السائقينَ. استَدرْتُ للخلفِ .. أحسستُ بالطلقةِ الثالثة تستقرُ في نفسي؛ فغبتُ عن الوجودِ، وتهتُ في غياهِبِ الدنيا, وما زال الله سبحانَه يَهَبُنى قدرةً فائقةً على الصبرِ والّسلوانِ.
#نص من #رواية #المثلث #المقلوب
#محمد #ارفيفان
|Ѽ|حنان
في ذاكرة الرجوع
صديقي محمود الذي رافَقني في رحلتي لِدمشق .. كانَ أوّلُ من وَدَّعَني، وأَوَّلَ من استقبلني بعد عودتي من سراييفو .. بقي محمودُ الصديقُ المخلصُ، وكاتِم أسراري, سَأَلني عَنْ سراييفو .. حَدَّثتُه عن (مايا)، سَأَلني عن مَرضي .. حَدّثتُه عَنْ جمالِ سراييفو .. سَأَلني عَنْ الجامعةِ .. حَدَّثتُه عن دخوليَ المستشفى .. هُو دائمُ السؤالِ، وأنا أراوغُ في الإجابةِ على أسئلتِهِ الّلطيفةِ .. لُطْفَ لهجتِه القرويةِ، رافَقني في حارات إرْبدَ، ورافقتُه إلى دورِ السينما .. كانَ يَعشَقُ الأفلامِ الهنديةِ، كم تمنى أنْ يزور الهند، كان يبكي كلما فقد محبوب ٌ محبوبتهِ .. وأنا أُبْحِرُ في عينيهِ، رَاوَدَني شعورٌ غامض .. عَينْاهُ تَقُولُ ولا تَقُولُ, شفتاه المطبقتانِ تكادان تسكبا كلاماً, إنّهُ محمود، عاديٌّ في كلِّ شيء إلَّا في إخلاصهِ لأصدقائِه .. سألتُه ولم يُجبْ، أعَدْتُ السؤالَ، وملامِحُهُ تَغَيرتْ، ورعشةٌ في كفيهِ .. قررتُ أنْ أُخْرِجَهُ من حَيرَتهِ، وأنا لا أَعْلَمُ أنّي أُدْخِلَهُ في حَيرةٍ أكبر .. أين حنان؟، صمتَ طويلاً قبلَ أنْ يُخبَرني أنّها اقتَرَنتْ بِشَخْصٍ، وسافرتْ مع زوجِها، فغضبتُ منها وعليها، وكيف لها أنْ تفعل ذلك؟، وكأنّي أكثرُ براءةً منها، تذكرتُ أنَّها لم تَرُدَّ على رسالتي الوحيدةَ التي بعثتُها لها، فَسَاوَرَني الشّكُ بأنَّها قدْ نَسيت الحُبّ، وكأنّني مَنْ حَفِظَ الحُبَّ في قلبِه، فكانت الطلقةُ الأولى، وكأنّها تدور في حدسي، وبعدَ فترةٍ وجيزةٍ، أخَبَرني محمودُ بأنَّها عادت تاركةً زوجَها، فكان الخبرُ وكأنَّ الطلقةَ الثانيةَ تمر برأسي، تركني محمودُ وحيداً أمام نفسي، يَحّتَفِظُ بسرٍ في داخلهِ، لا يريد أنْ يبوحَ به .. من فتحت الباب المواربَ؟،أنّها ميساء، أختها الصغرى، يا للحظ, سألتُها عن حَنان، وَهَي لا تَعْرِفُ أنّني لا أَعْلَمْ شيئاً عَنْ حنان, فنَظرتْ إليّ بنظرةٍ يَشُوبها الحزنُ والرأفةُ بحالي، أخبرتني أنّها ماتتْ، وهي بطريِقها لاستلامِ رسالتي اليتيمه؛ فجاءَها الموتُ من طيشِ أحدِ السائقينَ. استَدرْتُ للخلفِ .. أحسستُ بالطلقةِ الثالثة تستقرُ في نفسي؛ فغبتُ عن الوجودِ، وتهتُ في غياهِبِ الدنيا, وما زال الله سبحانَه يَهَبُنى قدرةً فائقةً على الصبرِ والّسلوانِ.
#نص من #رواية #المثلث #المقلوب
#محمد #ارفيفان

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق